الأحتفال
-الو …من المتكلم…؟
-مرحبآ دعاء…كيف حالك ..؟
-أخي أثير ..أنا بخير..كيف حالك أنت ،وكيف زوجتك ،وطفليك..؟ لقد اشتقت اليك كثيرآ..
-وأنا أيضآ صغيرتي..
-أنت تقول ذلك فقط في كل مرة تتصل بها ..
-لا أنا أتصل اليوم لأقول لكي بأني سأعود .
-حقآ أمر رائع
.يستحق الأحتفال….اليس كذلك ..؟
-آلأحتفال….؟!!
-نعم ..بالطبع .
-بماذا..؟؟!!
-بماذا..؟..عيد ميلاد بسمه مثلآ فلقد وعدتها بأن أحتفل به حين عودتي ..تلك الطفله رائعه ،مسكينه لأنها فقدت والديها مبكرآ،ما زالت تزورك..؟
-كلا ..لم تعد تفعل ..
-غريب ولكنك ربيتها وهي تحبك أكثر من مجرد جارة ..
-لكن ألم تعلم ..؟
- بماذا…؟؟!!
-ببسمه ..لقد ماتت..؟
- كيف ،ومتى حصل ذلك ..؟!
- قبل شهرآ من اليوم تعرضت لحادث سيرآ بحديقه منزلها .
- بحديقه منزلها ..؟!!
- نعم ..سائق طائش كان سكرانآ فقد السيطرة على سيارته وأتجهت نحوها مباشرة ..لتلحقها بوالديها وكأن قدر لهذه العائله بأن يموتوا نتيجه حوادث سير ..
-أمر محزن حقآ ..حسنآ سنحتفل بزواج سمير ،فقد كان صديقآ عزيزآ لدي ولقد وعدته بأن اقيم له وليمه كبيرة عندما أعود .
-لن ينفع..؟
-لماذا ..أخر مرة أتصلت بها قلت أنه سيتزوج نهايه الأسبوع …ما الذي حصل ..؟؟!
-قتلت زوجته في يوم عرسها نتيجه أطلاق نار طائش لشخص أراد أن يشارك في العرس من غير دعوه وأخترقت الطلقه صدرها لتموت وهي بين يديه ..
-مسكين حقآ امر صعب .. ما رأيك بأن نحتفل لدى العجوزين الذين يسكنان عند نهايه الشارع ، في ذلك المنزل التأريخي الجميل ..ما زلت تزورينهم صح ..؟؟ وعدتهم حين عودتي بأني سأزورهم ونجلس كما كنا وهما يقصان علينا قصصهم وأحاديثهم القديمه ..
- لم يعد ممكن الأن ..
-لماذا ،لا تقولي بأنهما أنتقلا الى منزل أخر .. فهما قالا بأنهم لن يتركوا المنزل قبل أن ترفع جثتهما ..
- ولقد حصل …فلقد قصف منزلهم وماتا وهما فيه وخرجا جثتين خامدتين والمنزل أصبح خربه فلم يبقى منه شيء..
-ولكن لماذا…؟؟
- قالوا بأنهم تعرضوا لأطلاق نار من هناك ..
-ياله من أمر مؤسف ،كان منزلآ جميلآ حقآ يصلح بأن يكون متحفآ .. ما رأيك أذن بأن تحددي يوم زفافك حين عودتي وبهذا أسلمك بنفسي الى عريسك .. على فكرة كيف حاله ..؟
- لن يكون هناك زفافآ….
- لماذا.. ؟هل تخاصمتم لا يمكن فانتما تحبان بعضكم منذ الصغر فما الذي حدث …؟؟
- لقد قتل …
-كيف ذلك ..هو الأخر ..؟؟!!
- نعم .. جاره أصيب بنوبه قلبيه بعد منتصف الليل ، وأضطر الى نقله بسيارته الى المستشفى ولأنه كان مسرعآ قليلآ خوفآ على حياه جارة أطلقوا النار عليه ظنآ منهم بأنه ينوي تفجير نفسه.
-أمر محزن جدآ …أنا أسف
-لما لا تأتي ونحتفل بمناسبه عودتك وفقط ..؟
- لم أفل لكي وصلني للتو فاكس من سكرتيري يبلغني بأن شركات الطيران أوقفت جميع رحلاتها لأنها أ ستلمت تهديدآ بقيام عمليات أرهابيه ولن تقلع طائراتها لمدة قد تطول …
-أنقطع الأتصال ..
-افضل ..
-سميه… منذ متى وأنت هنا ..؟؟!
-منذ أن قلت ألاحتفال …كنت تتكلمين وكأنك تلقين نشرة للأخبار من يسمعك لن يقول بأنك خرجت قبل يومين من المستشفى ..
-أنه لا يفهم سوى هذة اللغه ..تصوري كل هذا ويريد ألأحتفال
-أنه مجنون …هل سيعود..؟؟!
- كلا..ولكن عندما يتصل مرة أخرى قولي له بأن لا يأتي ..فكل ما كان يربطه أختآ يتصل بها كل ماكان له وقت فراغ فهو مجرد من كل شيئآ أخر ولا أظن بأن أخته قد تطيل إلا أن يتذكر ويتصل مرة أخرى ..
-دعاء ….دعاء…
النهايه
===========================================================
أمنية
تهيج بي الذكريات عندما أقف على ضفافك يا دجله ويشدني شيء ما لكي أغمر نفسي فيك ولا أظهر أبدآ ، لكي أحس بذراعيك تغمرني وتمحي عني كل ألالآم التي تشتد علي ً حينآ أخر .. فيا ليتك تمد لي يديك لتحضني وتغمرني بكل أنفاسك بكل شيء فيك ...
- لما لا تغمري نفسك ِ فيه وينتهي ألامر ..؟!!
أفزعني ذلك الصوت الذي لم أعرف مصدرة للوهلة الاولى وتفاجأت لأني لم أشعر بوجود أحدآ قربي ، والمخيف أكثر هو الشخص الذي صدر منه هذا الصوت بملابسه الرثة الممزقة وشعرة المشعث ولحيته الطويله ، وتلك النظرة الغريبه في عينيه أنه شخص مجنون .. ياألهي ما الذي جاء بي اليوم هنا ..؟!!
هذاما كنت أفكر فيه وأنا فزعه أنظر أليه ، وجاء صوته من جديد لينتشلني من أفكاري ويعود بي الى الواقع ، وهو يقول :
- لا تنظري ألي هكذا وكأنني اريد أن أفترسك ،، فعلت أشياءآ مجنونه كثيرة في حياتي ولكني لم أفكر بقتل أحد لحد ألان .. هل أكلت لسانك القطه ؟! منذلحظات كنت تتحدثين الى دجله كأنه شخص يجلس بجانبك وعندما جاء الشخص صمتي ،..
- أ... أ.... أنا ... لقد أفزعتني .
ضحك ضحكه غريبه قد لا أسمعها من شخص سوي إلا بحاله الهستيريا فقلت :
- هل لك أن تعلمني لما تضحك ..؟!!
صمت فجأة وعقد حاجبيه عَليً وهويجيب :
- لأن هذا ألامر يحصل مع كل شخص يراني ، الكل يفزع ، الكل يخا ف ، الكل يهرب ، ولكنك لم تهربي .. لماذا ...؟!!
- أ...أجيب ..؟!!
- طبعآ ، تكلمي ..
- لأني لم أكمل حد يثي مع دجله أولآ ، وثانيآ لم افكر بالهرب ..
نظر ألي مستغربآ وشاكآ في ألامر وقال بعد ذلك :
- ما ألذي جاء بك ِ الى هنا في مثل هذا ألوقت ،؟! قليل ما يأتي الناس الى هنا صباحآ ولا يأتون عادة لوحدهم .. أتنتظرين أحدآ ..؟!
- كلا ، لا أنتظر ، كما أني قدمت الى هنا لأني أحب أن أكون مع دجلة لوحدي وخاصة في هذا الوقت ... لأن لدي محاضرة لم أخذها لعدم حضور ألاستاذ وأغتنمت الفرصة لأستمتع هنا معه قليلآ ...
- أتستمتعين مع النهر ..؟!!
- وهل يبدو هذا غريبآ ..؟!!
ضحك وهو يقول :- يسرني أن أجد من هو أجن مني .
- وهل أنت مجنون حقآ ..؟!!
فصرخ بي قائلآ :- لست مجنونآ لا تقولي ذلك ، أنا أعقل منك ِ ومن كثيرين من حولي وحولك ِ ..
فقلت لتهدئته :-
- حسنآ ، أنا أسفة لم أقصد ولكنك تبدو كذلك .
فنظر الى ملابسه وتحسس شعرة بديه وقال :
- وهل كل الذين حولك ِ أنيقين ، ملابسهم نظيفة ، معطرين ..
- تقريبآ ..
- هم جميعهم ذو ملابس فاخرة ونفوس قذرة بأفكار سوداء وعقول متحجرة هم كلهم اغبياء يتصنعون الذكاء وحثاله يعتبرون أنفسهم نبلاء وهم ليسوا سوى لا شيء... لا شيء...
بدأ يصرخ بصوت عال ٍ وأنا ما بين دقات قلبي المتسارعه التي تحملني على الهروب وذبذبات عقلي التي تحملني على معرفه هذا الرجل الغريب الذي لا أعرف من هو حتى ..
صمت وهدأ كما ثار أول مرة وأخذ يحدق بي بنظرات لم أعرف الى أين تصل وقال:
- ما الذي تحبيه بدجله ..؟!!
- كل شيء ، أحب هدوئه ، كما أعشق ثورته ، كل شيء فيه عندما تغيب الشمس عنده ويعكس القمر صورته فيه كل شيء ..
- هدوئه قاتل يبعث في نفسي غُمه ، وأتمنى لو كان شخص لربما قتلته ، وثورته قاتله مدمرة لكل ما حولها من بيوت وأناس ولا يقيم لأي شيء أعتبار ولا قيمه يكتسح كل شيء .. أما عن الشمس فحرارتها تعطي الجو رطوبه يتبخر الماء وهذه خانقه ، والقمر وصورته ما هي إلا انعكاس لصورة تذكرنا بكل واقعنا المر وصفحات الحقد والكراهيه.....
- بل هدوئه صمت جميل ، وسط متاهات الحياة راحه للنفس التي تبحث عن السكون ، وثورته ما هي إلا رفض لكل إلافكار الباليه والرغبه في التجديد والتطور ورفض التمسك بالقديم والبحث عن الجديد ... وعلاقته مع الشمس فالبخار يذهب الى الاعلى ليكون الغيوم التي تسقط المطر .. والقمر له حكايات وسهر مع العشاق وألاحبه هو مرسال يحمله دجله بصورته ، هكذا أفسر طبيعته ...
- أنت ِ وألاناس الذين لهم أفكارك تعيشون في عالم ألاحلام ولم تستيقظوا بعد وحين الموعد سوف تستيقظون فأما أن تواجهوا الواقع وترضخوا وتستغنوا عن كل شيء أعتدتم عليه ، وأما أن تتمسكوا بمبادئكم وحينها تكونون قد فقدتم كل شيء فتهيموا على وجه ألارض وأنتم لا تعرفون الى أين تذهبون ولاالى من تلجئون ، فالجميع سيكون من حولكم لايفهم شيء منكم ويصعب عليه أن يحاور معكم هكذا تكونون قد أخلفتم عن بقيه القوم وأصبحتم متميزين عنهم بأنكم فاقدي العقل ... مجانين ... مجانين ..مجانين ...
كان يقول ذلك وهو ينظر الى نقطه ما لم أستطع تحديدها وكأنه كان ينظر الى ماضيه ويشرح حياته ، أحسست بذلك لكني لم أجرؤ للحظه بأن أسأله أن كان كلامه عن حياته أم أنها وجهه نظر وأبداء رأي فقط ....
دار حول نفسه عده مرات ومشى خطوتين وعاد وألتفت ألي وقال :
- ألن تعلقي ..؟!!
- لكل منا وجهه نظره الخاصه ، فلن أنازعك على هذه النقطه ، غير أني أقول أن العالم ليس بهذا السوء الذي تصفه .
- هذا لأنك لم تصدمي بعد ، وأتمنى حقآ أن تكون صدمتك خفيفه ، بل كوني أنت ِ قويه كفايه لكي تواجهيها ولكي تخرجي منها من دون أي ضرر ..
- هل تعتقد بأني سأصدم ذات يوم ..؟!!
- بالطبع ، لكل واحد منا نهايه لقدرة وبدايه لحياة جديدة ، وانتم أيها الحالمون عليكم أن تعرفوا شيئآ مهمآ .. مهمآ جدآ ، أنه لايوجد سوى عالم واحد فقط واحد ..واحد فقط لاغير نعيش به نحن جميعآ ولايمكن أن يكون هناك عالم خاص لكل واحد منا .. كل تلك ألافكار ما هي إلا مجرد أحلام اوهام نحن من صنعناها ، بل أنتم من صنعتموها لتعطوا شيء من اللذة لحياتكم والتقرب للمستقبل الذي تحلمون به .. كل شيء في حياتكم هو حلم وما أن تستيقظوا حتى ينتهي كا شيء ، فتذكروا أحيانآ شيء وأخرى لاتذكروا أي شيء.. هذه هي الحقيقه التي ترفض عقولكم أن تتقبلها ولكن عليكم ذلك فلا يوجدحلم يستمر عند اليقظه .. هل تفهمين ... هل تفهمين ...؟!!
نهضت من مكاني فأذا به يقفز صارخآ ولكني لم أعره أي أنتباه بل بقيت أنظر الى دجله ورفعت عيني أليه ببطء وأنا أتسا ئل :
- هل كنت تظن بأني سأضربك ..؟!!
لاحت في عينيه نظره بين آسفه لسوء الظن وبين شيء أخر فأدتى رأسه وهو يقول :
- نعم... كنت أظن ذلك...
تلك النظرة ألآسفه التي لم أراها بوجه أي أنسان سوي من قبل مهما كان حجم الخطأ الذي أقترفه بحقي كي يبدي آسفه ، مثل نظرة هذا الرجل الغريب الذي أشك في أن أناديه ألان بالمجنون ، بل أنه أنسان أصيب بصدمه من شيء ما من واقع مرير ربما لم يتحملها لذلك رضخ للأمر الواقع وسَلم نفسه للدنيا لكي تتحكم فيه كما تشاء ...
- أترككِ مع دجلتكِ ، لتكملي حديثكِ معه يكفي ما أخذته منكما .
- لكننا لم ننه حديثنا بعد ..
- لايمكن أن تنهي شيء لم تكن له بدايه ..
- لدي سؤال لك ..
- أسألي ..
- هل لديك أهل ، أولاد ، أخوة ، أي قريب ..؟!!
- تقصدين لكانوا أعتنوا بي ومنعوني من حياة التسول التي أعيشها ..
- هذا ما قصدته ..
- لدي بالطبع فلا يوجد ألانسان من العدم ، ولكن حلهم الوحيد كان أن يضعوني في مصحه عقليه وليس شيء أخر ...
- لما لا تتعالج ...؟!!
- أنا لست مريضآ لكي أتعالج ..أنا مجنون بنظركم فقط والحقيقه لاتعرف دائمآ كل جوانبها..
- لما لاتدافع عن وجهه نظرك .. الا يوجد أحد يستطيع المساعدة .؟!!
- ألم أقل لكي أنك ِ تحلمين .. هل تتجاهلين حقآ المجتمع الذي تعيشين فيه .. أم أنك غير عارفه ومدركه ما يحصل حولك ِ ..؟! نحن يا صغيرتي في مجتمع لا يعاقب من هم غير سويين أخلاقيآ ، ويتهم الغير سويين عقليآ بأنهم من يحطوا من قدرة المجتمع على النهوض ولم يلتفتوا ألتفاته ضغيرة على الذين يفقدون ألاخلاق ويبيعون كل شيء بدأ بمبادئهم وأنتهاءآ بأمور لايمكن لأنسان أن يتنازل عنها ....... ما أسمك ِ يا فتاه ...؟؟
- أمنيه ...
- أمنيه ... أمنيه ... أمنيه ..
ظل يردد أسمي لعده مرات وضحك وهو يقول :
- لما لم تقولي هذا منذ البدايه .. أنتِ أمنيه قد تتحقق وقد لاتتحقق أسمكِ هكذا من غير الممكن أن تقنع شخصآ بواقع وهو حتى أسمه حُلم وشيء مشكوك فيه .. وهم .. خيال كما الذي يحلم بوجود حياة على كوكب أخر .. عليً الرحيل ألان ..
- ولكنك لم تخبرني ما أسمك ، من الممكن أن نكون أصدقاء ..
ضحك ضحكه بان كل ألآلم فيها وهو يقول :
- أصدقاء .. ياه هذه الكلمه لم أسمعها منذ زمن .. أنهضي يا أمنيه وذهبي في سبيلكِ فلا يمكن أن تصادقي شخصآ مجنون من دون أن يتهمكِ ألاخرين بفقدان عقكِ أنتِ ألاخرى..
- لكن هل سأراك أذا جئت الى هنا مرة أخرى .. ؟؟؟؟
- ربما .. أترككِ مع دجلتكِ ألان .. الى اللقاء ..
دار لي ظهره ومشى بخطوات مظطربه بين سير اعتيادي وركض أخر وأنا أنظر من حولي وفي عقلي مئه فكرة وفكرة تدور حول هذا الرجل الغريب الذي لا أعرف كيف ظهر لي... ولاكيف تكلمت معه .. لاأعرف كيف ستكون رده فعل زملائي حين يعرفون أني قضيت ساعه أو أكثر بالحديث مع رجل مجنون .. هل هو مجنون حقآ ..؟! ربما لم أعد واثقه من هذا ألامر ولكني متأكدة كما قال أن أخبرتهم سيقولون عني جننت أنا ألاخرى ..
وألتفت ألى دجله وأنا أقول له بأني لن أنسى لقائي هذا يا دجله ، تعلم أنا مدينه لك بذلك فلولا قدومي لملاقاتك ما تعرفت على هذا الرجل ... شكرآ لك كثيرآ وأراك حينما تحين لي فرصه مرة أخرى لأكمل حديثي معك غير أني غير نادمه على هذه المقاطعه أبدآ ...رغم ذلك ربما لن أرحب بها دائمآ ، خاصه حينما أحتاج فعلآ لأن أتكلم معك .. وربما قد أحتاج الى الحديث مع ذلك الرجل لمعرفه قصته كامله بدلآ من أن أترك لعقلي المجال ليصوغ حكاياته كما يشاء .. الى اللقاء يا دجلتي .. سأوافيك قريبآ أن شاء الله .. الى اللقاء .......
النهايه
3\7\2005
11.30ليلآ
حواء سامي العزاوي
-الو …من المتكلم…؟
-مرحبآ دعاء…كيف حالك ..؟
-أخي أثير ..أنا بخير..كيف حالك أنت ،وكيف زوجتك ،وطفليك..؟ لقد اشتقت اليك كثيرآ..
-وأنا أيضآ صغيرتي..
-أنت تقول ذلك فقط في كل مرة تتصل بها ..
-لا أنا أتصل اليوم لأقول لكي بأني سأعود .
-حقآ أمر رائع
.يستحق الأحتفال….اليس كذلك ..؟
-آلأحتفال….؟!!
-نعم ..بالطبع .
-بماذا..؟؟!!
-بماذا..؟..عيد ميلاد بسمه مثلآ فلقد وعدتها بأن أحتفل به حين عودتي ..تلك الطفله رائعه ،مسكينه لأنها فقدت والديها مبكرآ،ما زالت تزورك..؟
-كلا ..لم تعد تفعل ..
-غريب ولكنك ربيتها وهي تحبك أكثر من مجرد جارة ..
-لكن ألم تعلم ..؟
- بماذا…؟؟!!
-ببسمه ..لقد ماتت..؟
- كيف ،ومتى حصل ذلك ..؟!
- قبل شهرآ من اليوم تعرضت لحادث سيرآ بحديقه منزلها .
- بحديقه منزلها ..؟!!
- نعم ..سائق طائش كان سكرانآ فقد السيطرة على سيارته وأتجهت نحوها مباشرة ..لتلحقها بوالديها وكأن قدر لهذه العائله بأن يموتوا نتيجه حوادث سير ..
-أمر محزن حقآ ..حسنآ سنحتفل بزواج سمير ،فقد كان صديقآ عزيزآ لدي ولقد وعدته بأن اقيم له وليمه كبيرة عندما أعود .
-لن ينفع..؟
-لماذا ..أخر مرة أتصلت بها قلت أنه سيتزوج نهايه الأسبوع …ما الذي حصل ..؟؟!
-قتلت زوجته في يوم عرسها نتيجه أطلاق نار طائش لشخص أراد أن يشارك في العرس من غير دعوه وأخترقت الطلقه صدرها لتموت وهي بين يديه ..
-مسكين حقآ امر صعب .. ما رأيك بأن نحتفل لدى العجوزين الذين يسكنان عند نهايه الشارع ، في ذلك المنزل التأريخي الجميل ..ما زلت تزورينهم صح ..؟؟ وعدتهم حين عودتي بأني سأزورهم ونجلس كما كنا وهما يقصان علينا قصصهم وأحاديثهم القديمه ..
- لم يعد ممكن الأن ..
-لماذا ،لا تقولي بأنهما أنتقلا الى منزل أخر .. فهما قالا بأنهم لن يتركوا المنزل قبل أن ترفع جثتهما ..
- ولقد حصل …فلقد قصف منزلهم وماتا وهما فيه وخرجا جثتين خامدتين والمنزل أصبح خربه فلم يبقى منه شيء..
-ولكن لماذا…؟؟
- قالوا بأنهم تعرضوا لأطلاق نار من هناك ..
-ياله من أمر مؤسف ،كان منزلآ جميلآ حقآ يصلح بأن يكون متحفآ .. ما رأيك أذن بأن تحددي يوم زفافك حين عودتي وبهذا أسلمك بنفسي الى عريسك .. على فكرة كيف حاله ..؟
- لن يكون هناك زفافآ….
- لماذا.. ؟هل تخاصمتم لا يمكن فانتما تحبان بعضكم منذ الصغر فما الذي حدث …؟؟
- لقد قتل …
-كيف ذلك ..هو الأخر ..؟؟!!
- نعم .. جاره أصيب بنوبه قلبيه بعد منتصف الليل ، وأضطر الى نقله بسيارته الى المستشفى ولأنه كان مسرعآ قليلآ خوفآ على حياه جارة أطلقوا النار عليه ظنآ منهم بأنه ينوي تفجير نفسه.
-أمر محزن جدآ …أنا أسف
-لما لا تأتي ونحتفل بمناسبه عودتك وفقط ..؟
- لم أفل لكي وصلني للتو فاكس من سكرتيري يبلغني بأن شركات الطيران أوقفت جميع رحلاتها لأنها أ ستلمت تهديدآ بقيام عمليات أرهابيه ولن تقلع طائراتها لمدة قد تطول …
-أنقطع الأتصال ..
-افضل ..
-سميه… منذ متى وأنت هنا ..؟؟!
-منذ أن قلت ألاحتفال …كنت تتكلمين وكأنك تلقين نشرة للأخبار من يسمعك لن يقول بأنك خرجت قبل يومين من المستشفى ..
-أنه لا يفهم سوى هذة اللغه ..تصوري كل هذا ويريد ألأحتفال
-أنه مجنون …هل سيعود..؟؟!
- كلا..ولكن عندما يتصل مرة أخرى قولي له بأن لا يأتي ..فكل ما كان يربطه أختآ يتصل بها كل ماكان له وقت فراغ فهو مجرد من كل شيئآ أخر ولا أظن بأن أخته قد تطيل إلا أن يتذكر ويتصل مرة أخرى ..
-دعاء ….دعاء…
النهايه
===========================================================
أمنية
تهيج بي الذكريات عندما أقف على ضفافك يا دجله ويشدني شيء ما لكي أغمر نفسي فيك ولا أظهر أبدآ ، لكي أحس بذراعيك تغمرني وتمحي عني كل ألالآم التي تشتد علي ً حينآ أخر .. فيا ليتك تمد لي يديك لتحضني وتغمرني بكل أنفاسك بكل شيء فيك ...
- لما لا تغمري نفسك ِ فيه وينتهي ألامر ..؟!!
أفزعني ذلك الصوت الذي لم أعرف مصدرة للوهلة الاولى وتفاجأت لأني لم أشعر بوجود أحدآ قربي ، والمخيف أكثر هو الشخص الذي صدر منه هذا الصوت بملابسه الرثة الممزقة وشعرة المشعث ولحيته الطويله ، وتلك النظرة الغريبه في عينيه أنه شخص مجنون .. ياألهي ما الذي جاء بي اليوم هنا ..؟!!
هذاما كنت أفكر فيه وأنا فزعه أنظر أليه ، وجاء صوته من جديد لينتشلني من أفكاري ويعود بي الى الواقع ، وهو يقول :
- لا تنظري ألي هكذا وكأنني اريد أن أفترسك ،، فعلت أشياءآ مجنونه كثيرة في حياتي ولكني لم أفكر بقتل أحد لحد ألان .. هل أكلت لسانك القطه ؟! منذلحظات كنت تتحدثين الى دجله كأنه شخص يجلس بجانبك وعندما جاء الشخص صمتي ،..
- أ... أ.... أنا ... لقد أفزعتني .
ضحك ضحكه غريبه قد لا أسمعها من شخص سوي إلا بحاله الهستيريا فقلت :
- هل لك أن تعلمني لما تضحك ..؟!!
صمت فجأة وعقد حاجبيه عَليً وهويجيب :
- لأن هذا ألامر يحصل مع كل شخص يراني ، الكل يفزع ، الكل يخا ف ، الكل يهرب ، ولكنك لم تهربي .. لماذا ...؟!!
- أ...أجيب ..؟!!
- طبعآ ، تكلمي ..
- لأني لم أكمل حد يثي مع دجله أولآ ، وثانيآ لم افكر بالهرب ..
نظر ألي مستغربآ وشاكآ في ألامر وقال بعد ذلك :
- ما ألذي جاء بك ِ الى هنا في مثل هذا ألوقت ،؟! قليل ما يأتي الناس الى هنا صباحآ ولا يأتون عادة لوحدهم .. أتنتظرين أحدآ ..؟!
- كلا ، لا أنتظر ، كما أني قدمت الى هنا لأني أحب أن أكون مع دجلة لوحدي وخاصة في هذا الوقت ... لأن لدي محاضرة لم أخذها لعدم حضور ألاستاذ وأغتنمت الفرصة لأستمتع هنا معه قليلآ ...
- أتستمتعين مع النهر ..؟!!
- وهل يبدو هذا غريبآ ..؟!!
ضحك وهو يقول :- يسرني أن أجد من هو أجن مني .
- وهل أنت مجنون حقآ ..؟!!
فصرخ بي قائلآ :- لست مجنونآ لا تقولي ذلك ، أنا أعقل منك ِ ومن كثيرين من حولي وحولك ِ ..
فقلت لتهدئته :-
- حسنآ ، أنا أسفة لم أقصد ولكنك تبدو كذلك .
فنظر الى ملابسه وتحسس شعرة بديه وقال :
- وهل كل الذين حولك ِ أنيقين ، ملابسهم نظيفة ، معطرين ..
- تقريبآ ..
- هم جميعهم ذو ملابس فاخرة ونفوس قذرة بأفكار سوداء وعقول متحجرة هم كلهم اغبياء يتصنعون الذكاء وحثاله يعتبرون أنفسهم نبلاء وهم ليسوا سوى لا شيء... لا شيء...
بدأ يصرخ بصوت عال ٍ وأنا ما بين دقات قلبي المتسارعه التي تحملني على الهروب وذبذبات عقلي التي تحملني على معرفه هذا الرجل الغريب الذي لا أعرف من هو حتى ..
صمت وهدأ كما ثار أول مرة وأخذ يحدق بي بنظرات لم أعرف الى أين تصل وقال:
- ما الذي تحبيه بدجله ..؟!!
- كل شيء ، أحب هدوئه ، كما أعشق ثورته ، كل شيء فيه عندما تغيب الشمس عنده ويعكس القمر صورته فيه كل شيء ..
- هدوئه قاتل يبعث في نفسي غُمه ، وأتمنى لو كان شخص لربما قتلته ، وثورته قاتله مدمرة لكل ما حولها من بيوت وأناس ولا يقيم لأي شيء أعتبار ولا قيمه يكتسح كل شيء .. أما عن الشمس فحرارتها تعطي الجو رطوبه يتبخر الماء وهذه خانقه ، والقمر وصورته ما هي إلا انعكاس لصورة تذكرنا بكل واقعنا المر وصفحات الحقد والكراهيه.....
- بل هدوئه صمت جميل ، وسط متاهات الحياة راحه للنفس التي تبحث عن السكون ، وثورته ما هي إلا رفض لكل إلافكار الباليه والرغبه في التجديد والتطور ورفض التمسك بالقديم والبحث عن الجديد ... وعلاقته مع الشمس فالبخار يذهب الى الاعلى ليكون الغيوم التي تسقط المطر .. والقمر له حكايات وسهر مع العشاق وألاحبه هو مرسال يحمله دجله بصورته ، هكذا أفسر طبيعته ...
- أنت ِ وألاناس الذين لهم أفكارك تعيشون في عالم ألاحلام ولم تستيقظوا بعد وحين الموعد سوف تستيقظون فأما أن تواجهوا الواقع وترضخوا وتستغنوا عن كل شيء أعتدتم عليه ، وأما أن تتمسكوا بمبادئكم وحينها تكونون قد فقدتم كل شيء فتهيموا على وجه ألارض وأنتم لا تعرفون الى أين تذهبون ولاالى من تلجئون ، فالجميع سيكون من حولكم لايفهم شيء منكم ويصعب عليه أن يحاور معكم هكذا تكونون قد أخلفتم عن بقيه القوم وأصبحتم متميزين عنهم بأنكم فاقدي العقل ... مجانين ... مجانين ..مجانين ...
كان يقول ذلك وهو ينظر الى نقطه ما لم أستطع تحديدها وكأنه كان ينظر الى ماضيه ويشرح حياته ، أحسست بذلك لكني لم أجرؤ للحظه بأن أسأله أن كان كلامه عن حياته أم أنها وجهه نظر وأبداء رأي فقط ....
دار حول نفسه عده مرات ومشى خطوتين وعاد وألتفت ألي وقال :
- ألن تعلقي ..؟!!
- لكل منا وجهه نظره الخاصه ، فلن أنازعك على هذه النقطه ، غير أني أقول أن العالم ليس بهذا السوء الذي تصفه .
- هذا لأنك لم تصدمي بعد ، وأتمنى حقآ أن تكون صدمتك خفيفه ، بل كوني أنت ِ قويه كفايه لكي تواجهيها ولكي تخرجي منها من دون أي ضرر ..
- هل تعتقد بأني سأصدم ذات يوم ..؟!!
- بالطبع ، لكل واحد منا نهايه لقدرة وبدايه لحياة جديدة ، وانتم أيها الحالمون عليكم أن تعرفوا شيئآ مهمآ .. مهمآ جدآ ، أنه لايوجد سوى عالم واحد فقط واحد ..واحد فقط لاغير نعيش به نحن جميعآ ولايمكن أن يكون هناك عالم خاص لكل واحد منا .. كل تلك ألافكار ما هي إلا مجرد أحلام اوهام نحن من صنعناها ، بل أنتم من صنعتموها لتعطوا شيء من اللذة لحياتكم والتقرب للمستقبل الذي تحلمون به .. كل شيء في حياتكم هو حلم وما أن تستيقظوا حتى ينتهي كا شيء ، فتذكروا أحيانآ شيء وأخرى لاتذكروا أي شيء.. هذه هي الحقيقه التي ترفض عقولكم أن تتقبلها ولكن عليكم ذلك فلا يوجدحلم يستمر عند اليقظه .. هل تفهمين ... هل تفهمين ...؟!!
نهضت من مكاني فأذا به يقفز صارخآ ولكني لم أعره أي أنتباه بل بقيت أنظر الى دجله ورفعت عيني أليه ببطء وأنا أتسا ئل :
- هل كنت تظن بأني سأضربك ..؟!!
لاحت في عينيه نظره بين آسفه لسوء الظن وبين شيء أخر فأدتى رأسه وهو يقول :
- نعم... كنت أظن ذلك...
تلك النظرة ألآسفه التي لم أراها بوجه أي أنسان سوي من قبل مهما كان حجم الخطأ الذي أقترفه بحقي كي يبدي آسفه ، مثل نظرة هذا الرجل الغريب الذي أشك في أن أناديه ألان بالمجنون ، بل أنه أنسان أصيب بصدمه من شيء ما من واقع مرير ربما لم يتحملها لذلك رضخ للأمر الواقع وسَلم نفسه للدنيا لكي تتحكم فيه كما تشاء ...
- أترككِ مع دجلتكِ ، لتكملي حديثكِ معه يكفي ما أخذته منكما .
- لكننا لم ننه حديثنا بعد ..
- لايمكن أن تنهي شيء لم تكن له بدايه ..
- لدي سؤال لك ..
- أسألي ..
- هل لديك أهل ، أولاد ، أخوة ، أي قريب ..؟!!
- تقصدين لكانوا أعتنوا بي ومنعوني من حياة التسول التي أعيشها ..
- هذا ما قصدته ..
- لدي بالطبع فلا يوجد ألانسان من العدم ، ولكن حلهم الوحيد كان أن يضعوني في مصحه عقليه وليس شيء أخر ...
- لما لا تتعالج ...؟!!
- أنا لست مريضآ لكي أتعالج ..أنا مجنون بنظركم فقط والحقيقه لاتعرف دائمآ كل جوانبها..
- لما لاتدافع عن وجهه نظرك .. الا يوجد أحد يستطيع المساعدة .؟!!
- ألم أقل لكي أنك ِ تحلمين .. هل تتجاهلين حقآ المجتمع الذي تعيشين فيه .. أم أنك غير عارفه ومدركه ما يحصل حولك ِ ..؟! نحن يا صغيرتي في مجتمع لا يعاقب من هم غير سويين أخلاقيآ ، ويتهم الغير سويين عقليآ بأنهم من يحطوا من قدرة المجتمع على النهوض ولم يلتفتوا ألتفاته ضغيرة على الذين يفقدون ألاخلاق ويبيعون كل شيء بدأ بمبادئهم وأنتهاءآ بأمور لايمكن لأنسان أن يتنازل عنها ....... ما أسمك ِ يا فتاه ...؟؟
- أمنيه ...
- أمنيه ... أمنيه ... أمنيه ..
ظل يردد أسمي لعده مرات وضحك وهو يقول :
- لما لم تقولي هذا منذ البدايه .. أنتِ أمنيه قد تتحقق وقد لاتتحقق أسمكِ هكذا من غير الممكن أن تقنع شخصآ بواقع وهو حتى أسمه حُلم وشيء مشكوك فيه .. وهم .. خيال كما الذي يحلم بوجود حياة على كوكب أخر .. عليً الرحيل ألان ..
- ولكنك لم تخبرني ما أسمك ، من الممكن أن نكون أصدقاء ..
ضحك ضحكه بان كل ألآلم فيها وهو يقول :
- أصدقاء .. ياه هذه الكلمه لم أسمعها منذ زمن .. أنهضي يا أمنيه وذهبي في سبيلكِ فلا يمكن أن تصادقي شخصآ مجنون من دون أن يتهمكِ ألاخرين بفقدان عقكِ أنتِ ألاخرى..
- لكن هل سأراك أذا جئت الى هنا مرة أخرى .. ؟؟؟؟
- ربما .. أترككِ مع دجلتكِ ألان .. الى اللقاء ..
دار لي ظهره ومشى بخطوات مظطربه بين سير اعتيادي وركض أخر وأنا أنظر من حولي وفي عقلي مئه فكرة وفكرة تدور حول هذا الرجل الغريب الذي لا أعرف كيف ظهر لي... ولاكيف تكلمت معه .. لاأعرف كيف ستكون رده فعل زملائي حين يعرفون أني قضيت ساعه أو أكثر بالحديث مع رجل مجنون .. هل هو مجنون حقآ ..؟! ربما لم أعد واثقه من هذا ألامر ولكني متأكدة كما قال أن أخبرتهم سيقولون عني جننت أنا ألاخرى ..
وألتفت ألى دجله وأنا أقول له بأني لن أنسى لقائي هذا يا دجله ، تعلم أنا مدينه لك بذلك فلولا قدومي لملاقاتك ما تعرفت على هذا الرجل ... شكرآ لك كثيرآ وأراك حينما تحين لي فرصه مرة أخرى لأكمل حديثي معك غير أني غير نادمه على هذه المقاطعه أبدآ ...رغم ذلك ربما لن أرحب بها دائمآ ، خاصه حينما أحتاج فعلآ لأن أتكلم معك .. وربما قد أحتاج الى الحديث مع ذلك الرجل لمعرفه قصته كامله بدلآ من أن أترك لعقلي المجال ليصوغ حكاياته كما يشاء .. الى اللقاء يا دجلتي .. سأوافيك قريبآ أن شاء الله .. الى اللقاء .......
النهايه
3\7\2005
11.30ليلآ
حواء سامي العزاوي