يشد الكثير منا البحث في مستقبل التنشئة الاجتماعية للطفل العراقي
وأنا شخصيا قد شدتني فكرة أيجاد فسحة من الوقت لأتمكن من أعطاء شيء من الوقت للأطفال وإخراجهم في نزهة تساعدهم على تقبل ثقافة المشاهدة تلك الثقافة التي ندر ما كتب عنها ولندمج موضوعنا هذا في اتجاهين أولهما ثقافة الطفل والثاني ثقافة المشاهدة والربط بينهما لنجد تحصيل الحاصل فيما بعد.
الطفل لواردنا تعريف هذه المفردة لعجزت القواميس والمؤلفات عن التعبير عنها ولكن باختصار يمكن القول بأنه لبنة المجتمع الأساسية التي تتحول إلى فرد قد يكون القائد مستقبلا لبني جلدته في مكان ما في المجتمع . فكيف يمكن الوصول بهذه اللبنة إلى الطريق الصحيح والقويم وبالتالي جعل المقصود فرد صالح في المجتمع
البداية تكمن هنا .
(البيت – الرفقة أو الإقران – المدرسة = التنشئة الاجتماعية )
البيت.
وهذه المعادلة يمكن ان تتعرض لوسائل ضغط من بينها التنشئة الاجتماعية التي تشتمل على الظروف الاجتماعية والتركيبة الثقافية بكل مكوناتها ومدلولاتها آذ تجد من العوائل التي تحرص على إنشاء طفل صالح يشكل لبنة من لبنات المجتمع الحقيقي وهي تعمل على تثبيت أركان
أ-الديانة
ب- الآداب
ج-القومية
والى أخره من مكونات البناء الثقافي وإذا كان الوضع الاجتماعي لدى الأب وألام والجد والجدة أو حتى باقي إفراد الأسرة سائر إلى السلبية ومبني عليها فأن الطفل سيكون ذا بداية سلبية وناهيك عن تعرضه لبرامج الالتقاط والمشاهدة والتمرس وهذا يعني أن كل الموضوع يلخص في عبارة (انعكاس المراة) أي تعكس صورة البيت على الطفل وفق حالة التأثر بالفعل ورد الفعل .
(1)
الأقران.
أن مسألة اختلاط الطفل بأقرانه مسألة حساسة جدا آذ تجد أن ظاهرة التأثر والتقمص تكون نشيطة لناشئ صغير وهذا ما يجعل الطفل عرضة لعدة أصناف من الأقران المتأثرين اصلآ بواقع اجتماعي مختلف ما يكسبه تطعيم جديد في ثقافته وينعكس ذلك عليه بعد التقدم بالسن والعمر ومسيرة الزمن .
المدرسة.
قد تكون المدرسة هي الباب الرئيسي الذي يدخل منه الطفل إلى الثقافة ولكن التأثير الحاصل من البيت والأقران قد يشذب الى طريقين أما سلبي أو ايجابي وفي كل الحالات فأن نوعية المدرسة وقدرة كادرها على قيادة الطفل لبناء نفسه هو المسيطر الأساسي والفيصل في الموضوع إذ تبلغ مسألة التنشئة الثقافية ذروتها في المدرسة.
الشارع .
قد يشير البعض إلى أن الشارع هو نفسه الذي يلتقي فيه الطفل بالأقران وبعدها المدرسة وقبلها الأسرة والبيت ولكن هنا نضع علامة استفهام ؟
فأن لكل بيئة اجتماعية شوارعها ونوعية السائرين فيها وهذا الخليط غير المتجانس والغير مسيطر عليه يترك أثرا في ذاك الطفل الناشئ ويترك في طيات عقله النامي صور ذهنية مختلفة قد تكون ذات تأثيرات سلبية أو ايجابية .
وما ذكر كله يصب في مجال التنشئة الاجتماعية التي تتأثر بشكل مباشر في ثقافة أطفالنا وتركيبهم الأولي آذ أثبتت كل العلوم المختصة بقاء اثر من ثلث المعلومات المكتسبة مخزونة في العقل منذ الصغر وهنا نشير الى وسائل الأعلام التي يتعرض لها الطفل ولنختار الطفل العراقي عينة لذلك.
1-التلفاز(الأرضي والفضائي)الوسيلة المرئية المسموعة.
2-الراديو (الوسيلة المسموعة).
(2)
3- المطبوعات (الوسيلة المرئية المقرؤة).
وهذه الوسائل تكون لكل واحدة منها تأثير معين على الطفل وحسب الوضع الاجتماعي الذي يحيا فيه ومثال ذلك.
-التلفاز الوسيلة المرئية المسموعة.
مشاهدة الطفل لبرامج تخص فئة عمرية متقدمة ولنختار مثلا الأفلام الخاصة بالحركة السريعة (الاكشن) آو أفلام الجرائم ففيها تأثير سلبي باهض الثمن آذ أن كل ممنوع مرغوب كما تقول القاعدة الاجتماعية لذلك تجد الطفل المتعرض لمثل هذه الأفلام يميل إلى العدائية وحب القتال (العراك) والمناوشات والتمثيل بما يشاهده وهذا ما قد يجعله لبنة لإنسان غير سوي في المستقبل وكثيرة هي الحوادث التي مرت على مسامعنا وأنظارنا التي تشرح الحالة.
وعلى عكس ذلك أي عندما يتقصد المربي جعل الطفل يشاهد برامج ثقافية تربوية تعليمية مثل (عالم الحيوان أو أفلام الرسوم المتحركة الملتزمة بمنهجية) فتجد الطفل مستمتع بعملية الالتقاط للمعلومات المرسلة أليه كمستقبل ما يجعل قنواته الاتصالية تركز على شيء مفيد وللتلفاز تأثير خطير آذ انه متكامل الإبعاد في نقل الصورة والصوت وبالآمكانيات الإنتاجية العالية ما يجعل الطفل المتعرض يلتقط ثقافة مشاهدة تسير به إلى القناعة بما يشاهد وتشير إحصائيات ودراسات إلى أن احد أساليب الحرب النفسية الموجهة المستخدمة بين الدول هو بث مثل هذه البرامج وتعزيز ذلك بتوزيع لعب أطفال تشبه تلك المستعملة بالتمثيل والواقع لتكون الثقافة المكتسبة للطفل اشد عدائية وكلنا يعيش اليوم حالة تعرض الطفل لثقافة المشاهدة صورة وصوت (وبث حي )في الشارع والشاشة على حد سواء وما تعرضه محال بيع الألعاب وعدم حرص أولياء الأمور على أبعاد الطفل عن هذه الأساليب التي تكسبه العدائية والسوداوية في حياته القادمة.
(3)
-الراديو(الوسيلة المسموعة).
لايقل الراديو أهمية عن التلفاز في مسألة نقل الثقافة للطفل ألا هي ثقافة السمع التي تولد ثقافة التخيل والخيال وقد يكون الراديو اقل نفوذا في الموضوع ولكن ثمة مؤاخذات في التقاط الطفل لمعلومات تبث عبر الأثير.
-المطبوعات (المجلات /الصحف/الكتب/الخ)
اشد الأساليب خطورة في ثقافة المشاهدة باعتقاد الكثيرين من المتابعين هو التلفاز ولكن الصورة تعتبر الأكثر خطورة آذ يمكن للطفل ان يحتفظ بها لفترات أطول في البيت وعودة المشاهدة لها كلما مرت من أمامه وهذا يجعل الأمر أكثر سوءا من المشاهدة لبرنامج على سبيل المثال فالبرنامج يعرض مرة واحدة ولكن المطبوع يظل باقيا أكثر .
ولهذا لو كانت هناك روءية وتوجهات حقيقية للاعتقاد بثقافة الطفل وبالتحديد ثقافة المشاهدة من قبل الحكومة أولا ومن ثم ما ذكرنا من السلسلة لكانت أكثر ايجابية وكانت شماعة الأخطاء والحجج في العهود الغابرة هي قلة الموارد واليوم ومع الانفتاح بوسائل الإعلام وتطورها لماذا لاتخصص إمكانيات تطوير الثقافة الخاصة بالطفل بشكل عام مع توعية أولياء الامورللالتزام بتنشئة الطفل وفقا لقياسات توضع جبرا من قبل الدولة خاصة وقد شكلت وزارة المرأة والطفل ووزارة شؤون مؤسسات المجتمع المدني ووزارة الثقافة تحتوي على دار ثقافة الطفل وغير ذلك وطبعا وزارة التربية ووزارة الأوقاف وباقي الوزارات ذات العلاقة ولايسعنا ألا أن نتذكر أن وزارة التربية قد عنونت بأنها للتربية ثم التعليم ونحن اليوم بأمس الحاجة إلى الأخلاق والتربية الصحيحة لأطفالنا بعد سنوات من الصعاب
وإذا لم نهتم بمسألة الطفل وتنشئته منذ اليوم لايمكن ان نطمح بجيل واعد لقيادة هذا المجتمع بكل حالاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية ككل .
(4)
والمجتمع العراقي تعرض لهجوم استمر سنوات طوال لتدمير البنى التحتية للأخلاق وإذا لم يتم الإسراع باللحاق بركب بناء الأخلاق فعلينا أن نركن للسكوت تجاه المستقبل الذي نرتقب .
أن الحاجة اليوم تدعونا إلى ابتكار واختراع وسائل جديدة لحماية أطفالنا وبنائهم اجتماعيا لتقبل فكرة العيش بسلام وألفة ومحبة وبطريقة تجعلهم يقودون المجتمع والوطن إلى بر الأمان ولنلخص ما يمكن تلخيصه لحل بعض إشكاليات هذه المشكلة.
1.تتوجه الحكومة والمؤسسات الرسمية بالدعم لرياض الأطفال وتصدر وزارة التربية تعميم إلزامي يلزم أولياء الأمور بإرسال أطفالهم إلى الدراسة الابتدائية جبرا وليس طوعا وهذا كان معمول به ولكن حدث انحلال به مؤخرا.
2.الاهتمام بالبرامج التثقيفية في وسائل الأعلام والخروج ببرامج خاصة بالطفل تنشئه نشئه صحيحة .
3.الاهتمام بتوعية الأسر وأولياء الأمور للاهتمام بالطفل وثقافته وعدم تركه في مهب الريح تتلاعب به الأمواج الاجتماعية لبنائه.
4.منع استيراد وتصنيع الألعاب العدائية التي تزرع روح العنف والقتال وفرض الغرامات المالية والعقوبات القانونية الرادعة لكل تاجر يروج لهذه الألعاب.
5.الاهتمام بالجانب الثقافي التعليمي المبني على تقبل الأخر وروح الديمقراطية بعيدا عن القومية والطائفية والعرقية والمذهبية والاثنية ووفق برامج إستراتيجية بعيدة الأمد.
6.تشجيع مواهب الأطفال عن طريق فتح قنوات اتصال مع أولياء الأمور لمكافئة الطفل الموهوب في أي اتجاه .
7.تعديل المناهج الدراسية بما يقود الطفل إلى تقبلها والاهتمام بإدخال المصورات ذات الهدف والمعنى لتقوية قابلية التأثير والفرز والتقمص.
(5)
8.توعية أولياء الأمور إلى عدم ترك الطفل يلتقط من وسائل الأعلام ماهو غير مخصص لمثل سنه أو عدم اختلاطه مع أقران يسيئون إلى تنشئته.
9.الاهتمام بتطوير الكوادر التدريسية في مراحل التعليم الأولية الابتدائية وجعلهم يهتمون ببناء الطفل ثقافيا وتربويا وما يسهل عملية التقويم السلوكي في المراحل اللاحقة.
10.فتح ملاجئ ومدارس داخلية وإصلاحيات خاصة بالأطفال الأيتام والمشردين وغير معروفي الأصل والاهتمام بهم أكثر كونهم جزاء لايتجزاء من المجتمع.
11.توعية الأسر للموازنة في عملية الإنجاب والتكاثر وفقا للظرف الاجتماعي للأسرة وعدم ترك الموضوع للصدفة.
12.فتح مؤسسات حكومية ودوائر ذات علاقة لمعالجة السلوكيات المرفوضة لدى الأطفال من خلال استغلال الباحثين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس وتفعيل دورهم في العمل والتطبيق.
13.محاولة توفير وسائل تشجيعية للطفل المتفوق في المدرسة والدرس والاهتمام بغير المتفوقين لدفعه في النجاح من خلال أسلوب الثواب والعقاب .
14.تشكيل دائرة خاصة تابعة لتشكيل حكومي تهتم بمتابعة ومراقبة حسن سير وسلوك الأنظمة الموضوعة لدعم ثقافة الطفل قي كل مرافق الحكومة بداية بالبيت والأسرة وانتهاء بالمدرسة والشارع.
15.تشكيل مؤسسات تعليمية فنية تمنح شهادات معترف بها للأطفال الغير متقبلين للدرس النظري والساعين لتعلم المهن والحرف والفنون ما يجعل كل طفل يبحر في بحر ثقافته الخاصة وتوجهات عائلته وظرفها الاجتماعي.
(6)
16.تفعيل قسم الإرشاد التربوي في كافة المؤسسات التربوية ايتداءا من رياض ألأطفال حتى المراحل المتقدمة لما له من دور كبير ومهم في معالجة المشاكل التي يعانيها الطفل والطالب
وكل هذا والمزيد يمكن أن نسعى سويا لوضعه وتفعيله قيد الوجود بالتعاون لرسم خارطة الثقافة الحضارية لعراقنا الجديد فبالتكاتف نحقق المعجزات ونرجو كل الرجاء الاهتمام بالطفل وتنشئته الاجتماعية وما يتأثر به ومن الله التوفيق.
بقلم \علي خليل الدايني
(7)